منح صوت لنساء الأقليات في ليبيا : مقابلة مع اسماء خليفة و إيناس ميلود

أسماء خليفة وإيناس ميلود مؤسسات حركة النساء الأمازيغية، و هي منظمة لتمكين المرأه في ليبيا. في حديث مع  مجلة “المفكرة” ناقشن فكرة تأسيس حركة النساء الأمازيغية، العنف القائم على أساس الجنس،  الانقسامات الإجتماعية،و التحديات التي تواجه النساء و تطلعاتهم لمستقبل أفضل

المفكرة: لماذا قررتم تأسيس منظمة للنساء الأمازيغيات؟

أسماء و إيناس : كلانا نساء أمازيغيات و حقوقيات، و نعلم بأنه لا توجد أي منظمة تركز على التجارب والصعوبات التي تواجه النساء الأمازيغيات في ليبيا، بالإضافة الي ذلك البحوث  و اللدراسات على النساء الأمازيغيات الليبيات شبه معدومة

بتأسيس هذه الحركة نحاول تسليط الضوء على قضايا المرأه الأمازيغية ليس فقط في  جبل نفوسة و زوارة، و لكن بحوثنا تتضمن مجتمع التابو و الطوارق المتواجد في جنوب ليبيا

في حركة النساء الأمازيغيات نستخدم عدة نظريات نسوية، إلا أن نظرية التقاطعية ميزت عملنا على النساء من الشعوب الأصلية داخل ليبيا. و مع ذلك نحن نعمل مع الجميع رجالا و نساء و من يرغب في دفع الحركة النسوية في ليبيا. و لا يزال حتى يومنا هذا قصص نساء الشعوب الأصلية مفقودة من الخطاب الوطني، و نحن نعمل على تغيير ذلك

المفكرة: ما هي التحديات التي تواجه المرأه الليبية الأمازيغية تحديدا بالمقارنه مع المرأه الليبية العربية؟

أسماء و إيناس : هناك تحديات مختلفة في مختلف القطاعات، مصاعب النساء في ليبيا تختلف من مدينة الى اخري، على سبيل المثال، النساء في جبل نفوسة يعشن في مناطق ريفية  و محافظة مع اتصال ضعيف بالعاصمة طرابلس , و هذا لم يمكنهن من المشاركة في الحياة السياسية و الإجتماعية.  و بالتالي فإن مشاكلهن و أصواتهن غير مسموعة على الصعيد الاجتماعي و السياسي

في جنوب ليبيا بعض الطوارق و التبو لم يتم الاعتراف بهم “كمواطنين”، الأمر الذي أدى الى استبعادهم هيكليا من الحصول على التعليم و الصحة و الضروريات الأساسية

و مع ذلك فمن المهم ان نتذكر ان جميع الفئات الإجتماعية في ليبيا تم تهميشها في نقطة ما من قبل النظام. و لكن نحن نؤكد ان الجماعات الأصلية تواجه تمييزا مضاعف على المستوي المنهجي و الثقافي. الهوية الأمازيغية تحت تهديد مستمر من قبل الأيدلوجيات السياسية مثل القومية العربية، حيث أن امهاتنا و عماتنا كبرن في مجتمع منعهن من تحدث لغتهن الأم في الأماكن العامة. أيضا قد تم إعتقال العديد من الليبين الأمازيغ و تمت محاكمتهم لمجرد محاولتهم للتعبير عن هويتهم

المفكرة: ما العمل الذي قمتم به لمكافحة العنف القائم على أساس الجنس؟

إيناس: حركة النساء الأمازيغيات أكدت على وجود العنف على أساس الجنس في ليبيا ، ولا يرغب الكثير في مناقشة هذا الموضوع و في الحركة نحن نتعامل مع هذه الظاهرة على مستوى متعدد الجوانب لإظهار كيف يمكن للمرأه الليبية الأمازيغية التعرض للعنف الجنسي بشكل مختلف عن المرأه الليبية العربية التي تعيش في مناطق جغرافية أو اجتماعية أو اقتصادية مختلفة
و ما أثار فزع الكثير أن بعض الأمازيغ الليبين لا يتحدثون العربية مما يعني إذا تعرضت امرأه امازيغية للتعنيف الجنسي، فستكون هناك صعوبة مضاعفة عليها للحصول على المساعدة اللازمة ليس فقط بسبب الوصمة الإجتماعية، بل حاجز اللغة

حركة النساء الأمازيغيات تريد ان تتعامل مع هذه القضايا من خلال مناقشتهم  في العلن لتوضح كم هو مهم  الاعتراف باللغة الأمازيغية و استخدامها في الأماكن العامة

المفكرة: حول موضوع العنف الجنسي، ماهي وجهة نظرك حول الفيديو الاخير الذي تم تداوله على الانترنت لفتاة ليبية تم إغتصابها من قبل رجل ليبي؟

أسماء و إيناس : الاغتصاب جريمة حرب،و انه لا أمر مروع ان يتم إنتهاك جسد و إنسانية  إمرأه لتحقيق مكاسب سياسية قذرة

و لكن في بعض الأحيان، مجتمعنا الليبي بحاجة الى هكذا حادث مروع لإنقاظه الى حقيقة ان العنف الجنسي موجود. الجميع يدعي انه ليس لدينا أزمة أخلاق على الصعيد الشخصي و الاجتماعي، و لكنها موجودة بالتأكيد

النساء يمثلن النسبة الكبيرة من ضحايا العنف في أماكن النزاعات المسلحة و في الحروب و ذلك لما تمثل من أهمية للنساء و المجتمع و الإغتصاب يحدث بشكل متكرر في ليبيا، و ذلك داخل منازل النساء أكثر من خارجها و لكن الجميع يلتزم في الصمت حول ذلك

و بالإضافة الى ذلك، ينظر الى أجساد النساء على انها تنتمي الى الجميع بإستثناء المرأة، لذلك ارتكاب جريمة الاغتصاب تعاقب عليها النساء في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا، و جريمة الإغتصاب تعادل جريمة القتل لأنها تكسر المجتمع، و لها تداعيات عميقة حتى في مرحلة ما قبل الحرب

المفكرة: ما رأيك فيما يجب القيام به لوقف العنف الجنسي؟ و هل تعتقدي بأنه مرتبط بأشكال اخرى من العنف كسوء المعاملة و عدم التسامح داخل المجتمع الليبي؟

أسماء و إيناس : بالتأكيد، العنف الجنسي هو وباء يرتبط بالعديد من أنواع العنف الأخرى، في ليبيا نحن شخصيا نعتقد أنه علينا مناقشة “المحرمات” و كسر العديد من الحواجز التي تمنعنا من معالجة الأسباب الجذرية للعنف الجنسي، نحن مازلنا نتردد ان نسأل لماذا الرجال يضايقون و يتحرشون و يغتصبون النساء لأنها “مواضيع محرمة”ترتبط بالحياة الجنسية و القمع الجسدي عند الرجال و النساء حتي الزواج و الفصل بين الجنسين في ليبيا

الأن، نحن نفتقر الى أماكن آمنه للقيام بمثل هذه النقاشات الصعبة، و لكن حتى نتمكن من ذلك، سيكون عملنا الأساسي توعية الناس عن مساوئ العنف الجنسي دون معالجة أسبابه الجذرية

المفكرة: لماذا يوجد هذا التقسيم العميق بين الليبيين؟ و من أين تأتي الثقافة القبلية الإنقسامية في التفكير و رفض “الأخرين”؟ و كيف يمكن التغلب عليها؟

أسماء و إيناس: هذه قضية تاريخية و جغرافية، ليبيا دولة كبيرة بكثافة سكنية صغيرة، مما يعني ان كل مجموعة عاشت في عالمها الخاص، تحت غطاء القبيلة أو المنطقة.  لم نكن أبدا دولة واحدة لأن الشعب قد تم تقسيمه من قبل الرومانين و أي قوة إستعمارية اخرى (بمن فيهم العثمانيين) عاملوا كل منطقة أو قبيلة بطريقة مختلفة عن الاخرى و قد ساهموا بصورة كبيرة في خلق هيكلية هرمية مابين الشعب الليبي

المفكرة: مثير للإهتمام! و لكن لماذا تم البقاء على هذه الهيكلية القبلية ؟

أسماء و إيناس: السبب الذي أدى الى إستمرارية هذه الإنقسامات أن كل جهة تعتقد أنه تعرضت إلى ظلم يميزها عن باقي المجموعات،ولكن الظلم وقع على الجميع في مختلف أنحاء البلاد، و هذه حقائق يجب ان نعترف بها و الا سنظل محاصرين في حلقة مفرغة من العنف و الضغينة و الإستنكار. لابد من أن نعترف بماضينا و أخطائنا لمداواة هذه الشروخ في مجتمعنا

المفكرة: شكرا على إثارة هذه النقطة المهمة عن المصالحة، و لكن كيف يمكننا خلق مجتمع متسامح أكثر؟ على سبيل المثال هل تعتقدن ان هذا المجتمع سيأتي عندما يتم تشجيع الزواج و الصداقات بين الأمازيغ و العرب؟

أسماء و إيناس: هذا سؤال إنعكاسي يتم طرحه في جميع أنحاء العالم اليوم، نحن نعتقد ان الخوف يكمن وسط كل ذلك، هناك بالفعل زواجات و صداقات بين الأمازيغ و العرب الليبين، و لكن ما يقلق الأمازيغ هو خسارة هويتهم، و ما يقلق العديد من العرب هو ان يتوهوا بعيدا عن الهوية الوحيده المقبولة

 الأمازيغ و العرب يخافون من بعضهم و هذا يرجع الى تاريخ طويل من العنصرية و التعريب حيث أن العديد من العرب يخافون من التنوع العرقي هذا لما يوحدنا مع العرب بل خلق العداوة نحو فكرة ان الأماريغ و الأكراد يمكن منحهم حقوق أكثر

المفكرة: ماهي تطلعاتكم للمستقبل؟ و كيف تبقون أنفسكم متحفزات على العمل الذي تقومون به؟

أسماء و إيناس: كالعديد من النشطاء، لدينا علاقة غريبة مع الأمل، أحيانا يجب علينا أن نصنعه لأنفسنا، و أحيانا نكون في أماكن مظلمة و بدون أمل

و لكن ما نتمناه أن يحدث بسرعة هو أن الليبين يدركون ان هذه الحرب لن تحل شيئا، و ان يتم دفعهم للعمل بإتجاه السلام

أسماء: خلال 6 سنوات التي مضت تم إحباطي في الكثير من المرات، الأن عدد مرات الإحباط قد قل و قد ازداد حماسي اتجاه العمل لأنني اكتسبت خبرة  قفي كيفية منح نفسي  فترات راحة, لأتمكن من التنفس و استيعاب التغييرات التي تحدث من حولي، و لكن مع ذلك، لا يمكنني عدم التصرف عندما أرى بلدي تعاني بهذه الطريقة مما قد يجبرني على إتخاذ بعض القرارات الخاطئة

و لا أزال أدرب نفسي على ان أكون إستباقية و أنجز عملي بطريقة بناءة و لكن في بعض الأحيان أجد صعوبة في النهوض من فراشي كل صباح

مجلة  المفكرة توجه رسالة شكر للانسةأسماء خليفة و الأنسة إيناس ميلود على إجراء هذه المقابلة معنا، و نحن نأمل ان تصل رسالةحركة النساء الأماريغيات جمهورنا، للمزيد عن حركة النساء الأمازيغية زوروا صفحة المنظمة على الفيسبوك

https://www.facebook.com/tamazightwomanmovement/.